المعجم الموضوعي عند العرب في ضوء علم صناعة المعجم
Abstract
يتناول هذا البحث المعجم الموضوعي، وهو المعجم التي تُصنَّف فيه المفردات بحسب المعاني أو الموضوعات، بغض النظر عن حروفها الأصول أو الزوائد؛ فهو يقوم بسرد الألفاظ المتصلة بموضوع واحد، تحت عنوان واحد يمثل "الحقل الدلالي" الذي يجمعها. ويسعى البحث إلى استنباط النظرية المعجمية للتصنيف على الموضوعات في التراث المعجمي العربي، من خلال دراسة المعجم الموضوعي عند العرب، في ضوء ما توصل إليه علم اللغة الحديث في مجال الصناعة المعجمية. ولتحقيق ذلك، قام البحث بدراسة المعجم الموضوعي في مراحله المختلفة، من خلال اختيار ثلاثة نماذج من أشهر معجمات هذه المدرسة، بحيث يمثل كلٌّ منها مرحلة من مراحل التأليف على الموضوعات، وهذه المعاجم هي: "الغريب المصنف" لأبي عبيد القاسم بن سلاّم، والذي يمثل بداية التأليف على الموضوعات. و"فقه اللغة" لأبي منصور الثعالبي، كمرحلة تالية في التأليف. و"المخصص" لابن سيده، ومرحلة النضج في التأليف. وقد قام بأخذ عيّنات من المعجمات المختارة، ودراستها دراسة علمية، مستخدما لذلك "المنهج الوصفي التحليلي الاستقرائي"، وذلك للوقوف على المنهج المُـتّبع في كلٍ من هذه المعجمات، من حيث جمع المادة وترتيبها وشرحها، بهدف الوصول إلى أهمّ الأسس والقوانين العامّة التي تحكم هذا النوع من التأليف. وقد جاء البحث في ثلاثة فصول، قبلها تمهيد وبعدها خاتمة، وذلك على الشكل الآتي: التمهــيد: ويمثل الجانب النظري للبحث، وينقسم إلى قسمين: القسم الأول: يقوم بالتعريف بـ"علم صناعة المعجم" وأهم المباحث التي يُعنى بها هذا الفرع من اللسانيات التطبيقية. القسم الثاني: يتناول "نظرية الحقول الدلالية"، نشأتها والأصول التي تقوم عليها، كما يعرض لأهم الخدمات التي يمكن أن تقدمها هذه النظرية للمعجم. الفصل الأول وعنوانه: المعجم الموضوعي عند العرب ومدرسة أبي عبيد القاسم بن سلاّم. وينقسم إلى قسمين اثنين: القسم الأول: المعجم الموضوعي عند العرب: يقوم بإلقاء الضوء على مدرسة المعاني أو الموضوعات عند اللغويين العرب القدماء؛ نشأتها والمنهج الذي تقوم عليه، مع ذكر لأهمّ روّادها. وينطلق هذا القسم من الرسائل الصغيرة التي جمعها علماء اللغة منذ القرن الثاني الهجري حتى القرن الثالث تقريباً، والتي تشكل النواة الأولى التي قامت عليها صناعة المعجم العربي عموماً والمعجم الموضوعي خصوصاً؛ فيعرض لأهم الموضوعات التي تناولتها هذه الرسائل، مع ذكر لأشهر المعجميين المؤلفين في الموضوع الواحد. وذلك بعد إظهار الطريقة التي اعتمدها العرب القدماء في الجمع والتدوين. القسم الثاني: "الغريب المصنف" لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت 224 هـ): يتناول هذا القسم "الغريب المصنف" من حيث الجمع والوضع؛ فيعرض للمصادر التي استقى منها المصنّف مادته المعجمية، ومن ثمّ ينتقل للمنهج الذي اعتمده في ترتيب هذه المادة وتبويبها، كل ذلك بعد التعريف بالمعجم وأهميته. الفصل الثاني: “فقه اللغـة” لأبي منصور الثعالبي (ت 429 هـ): يبدأ الفصل بالتعريف بالكتاب والهدف من تأليفه، لينتقل بعد ذلك إلى عملية الجمع والوضع في المعجم؛ فيعرض للمصادر التي اعتمد عليها الثعالبي في جمع المادة المعجمية، وللطريقة التي اعتمدها في ترتيب هذه المادة. الفصل الثالث: “المخصّص” لابن سيده (ت 458 هـ): يتناول هذا الفصل معجم "المخصص" من حيث الجمع والوضع، وذلك بعد التعريف بالكتاب وأهميته، والهدف من تأليفه. أما من حيث الجمع فيعرض الفصل للمصادر الكثيرة والمتنوعة التي اعتمد عليها ابن سيده في جمع المادة المعجمية. وأما من حيث الوضع فمن خلال تتبع المنهج الذي اعتمده المصنّف في ترتيب هذه المادة وتبويبها. الخـاتمة: تتضمن أهمّ ما توصل إليه البحث من نتائج وملاحظات، والتي من أبرزها إظهار المنهج الذي اعتمده أصحاب هذه المعجمات في ترتيب المادة اللغوية وتبويبها، سواء في ترتيب المادة الواحدة من حيث المعلومات المكونة لها، أم في ترتيب المعجم في مجمله، والتي جاءت على الشكل الآتي: أولاً: على صعيد المادة الواحدة: أظهر البحث المنهج الذي اعتمده أصحاب المعجمات الثلاثة في شرح المعنى المعجمي، فبين أنواع التعريفات المتعددة التي اعتمدوها، والتي جاءت جميعها، متماشية مع طبيعة المعجم نفسه ونظام الوضع فيه، ما جعل التعريف المنطقي أكثر التعريفات استخداماً. كما بيّن الأنواع الأخرى من التعريفات، والتي جاء استخدامها متناسباً مع نظام العلاقات القائم بين كلمات الحقل الدلالي الواحد من جهة، ومع الطبيعة الاشتقاقية للغة العربية من جهة أخرى، ومن أبرزها: التعريف بالمرادف، والتعريف بالضد، والتعريف المقتضب. وبالإضافة إلى التعريف، توقف البحث عند المعلومات الأخرى التي تضمنتها المادة والتي ساهمت إلى حدّ بعيد في توضيح المعنى المعجمي، ومن أبرزها: المعلومات الصوتية، والصرفية، والنحوية، والسياقية. ثانياً: في ترتيب المعجم في مجمله، بيّن البحث المحاور الأساسية التي توزعت عليها المواد، والمنهج الذي اعتمده أصحاب هذه المعجمات في ترتيب هذه المحاور، وذلك من خلال تقسيم المعجم إلى حقول دلالية رئيسة يتفرع عن كل منها حقول ثانوية، تقوم فيما بينها جملة من العلاقات، من أبرزها: علاقة الاشتمال، وعلاقة التدرّج، وعلاقة التداعي، وعلاقة التقابل. أما في الترتيب الداخلي للحقول، فقد بيّن البحث النظام الذي اعتمده مصنفو هذه المعجمات للربط بين كلمات الحقل الدلالي الواحد، وطبيعة العلاقات القائمة فيما بينها، والتي من أبرزها علاقة الاشتمال، وعلاقة التدرّج، وعلاقة الترادف، وعلاقة الجزء بالكل.
Student(s)
رانية محمود بعيون
Supervisor(s)
د. بشير فرج