تطور مفهوم التنمية فلم يعد يقتصر على تنمية الـموارد والنمو الاقتصادي، بل أصبح يشمل الـموارد البشرية والتنمية الـمستدامة لـهذه الـموارد. وغدت التنمية تنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وتربوية، فتعددت أبعادها، ورتب ذلك مسؤوليات ليس على السلطة الـمركزية وحسب وإنـما على السلطات الـمحلية أيضا، وعلى الـمجتمع الـمدني، وذلك في إطار توزع الـمهام والأعباء، ومن أجل إفساح الـمجال أمام الـمواطنين للمشاركة في اتـخاذ القرار على نطاق واسع، وفي الـمساءلة والـمحاسبة، بـحيث لا تتركز عملية التنمية في مـجالات مـحددة دون غيـرها، ولا تقتصر على مناطق أو فئات دون الـمناطق والفئات الأخرى، إنـما تشمل الـمجتمع بكامل مناطقه وفئاته بشكل متوازن. عانى لبنان من خلل في عملية التنمية، وقد تـجلى ذلك في التفاوت الـهائل في مستوى التنمية بين العاصمة ووسط لبنان من جهة والـمناطق النائية مـن جهة أخرى. وإذا كان من الطبيعي أن تكون العاصمة والـمناطق القريبة منها أكثر نـمواً من الـمناطق البعيدة عنها. وقد ورد هذا البند تـحت عنوان (الـمبادئ العامة والإصلاحات). وعندما عُدل الدستور بـموجب وثيقة الوفاق الوطني، بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990 أُدخل هذا النص حرفيا في مقدمة الدستور وشكل البند (ز) من هذه الـمقدمة. وقد اعتبـرت مقدمة الدستور، في قرارات الـمجلس الدستوري، جزءا لا يتجزأ من الدستور.
وعلى الرغم من أهمية هذا الموضوع الا انه لم يلق الاهتمام اللازم من قبل الباحثين يركز قسم القانون العام على هذه المقاربة الدستورية لمسألة الانماء المتوازن والتي قد تسمح لاحقا بالقيام بالتعاون البحثي مع غير القانونيين للخروج بمقاربة شاملة لهذه المسألة.