تبين من خلال الاطلاع على أحكام المحاكم الجزائية في لبنان أن معظم الجرائم المرتكبة سواء كانت جنحاً أم جنايات، هي ذات خلفية اقتصادية، فجرائم السرقة تعود في أسبابها إلى الفقر والعذر وكذلك الأمر بالنسبة لجرائم القتل وغيرها، إلا أن هناك جرائم ذات خلفية اقتصادية مختلفة مثل جرائم الاغتصاب وتعاطي المخدرات، إذ أن هناك نسبة معينة من مرتكبي هذه الجرائم هم من الأثرياء.
إن العصر الحديث هو عصر البطالة والفقر، ومن شأن هذا المتغير الاقتصادي التأثير على سلوك المجرمين، وبالتالي فإن أهمية الموضوع تكمن في دراسة الخط البياني للجرائم في ضوء المتغيرات الاقتصادية.
إن الهدف من بحث موضوع المتغيرات الاقتصادية على السلوك الجرمي يكمن في رصد هذه المتغيرات وأثرها على الجريمة، تمكيناً للقضاء من تمديد العقوبات المناسبة لهذه الجرائم، لأن العقوبة يجب أن تقدم العلاج للجريمة وليس الانتقام من الجرم. وتهدف كذلك إلى تزويد المسؤولية في الدولة من مراجعة أساليب التعامل مع الوضع الاقتصادي توصلاً للحد من الجريمة.
هل يمكن تصور مجتمع بلا جريمة؟ وهل أن تحسين الوضع الاقتصادي للناس من شأنه خفض نسبة الجرائم؟ هل يمكن وضع استراتيجية لموضوع المتغيرات الاقتصادية بحيث يعتمد القضاء الجزائي مثل هذه الاستراتيجية ويطبقها في أحكامه بصدد السلوك الجرمي؟